في كل حقبة، يظهر قادة يتمتعون برؤية تتجاوز اللحظة، ويعملون على بناء مستقبل يحمل ملامح طموحاتهم. محمد راغب عبد الفتاح هو أحد هؤلاء القادة الذين ظهروا في وقت تحتاج فيه مصر إلى أصوات جديدة تمزج بين الفكر الشبابي والخبرة العملية، فاستطاع أن يتحوّل من شاب يعمل في مصنع عائلي إلى وكيل رسمي للاتحاد الإفريقي للتوريدات العمومية، وصاحب بصمة واضحة في الصناعة والاستثمار والخدمات اللوجستية.
ولد محمد راغب في أسرة صناعية عريقة، حيث أنشأ والده المهندس راغب عبد الفتاح مصنع راغب للاكسسوارات العسكرية والهدايا التذكارية، وهو من أوائل المصانع المتخصصة في هذه الصناعة في مصر والشرق الأوسط. وقد ساعدت البيئة الأسرية المحفزة على غرس قيم الالتزام والجودة والانضباط في شخصيته منذ الصغر. وعندما التحق بكلية الإعلام – قسم العلاقات العامة، لم يكن هدفه هو الوظيفة، بل الإعداد لقيادة مسار متكامل داخل مؤسسته العائلية.
دخل محمد راغب إلى المصنع من باب الممارسة، لا من باب الوراثة. تدرّج في المناصب، وخاض تحديات التشغيل والإنتاج والتسويق، حتى تولى إدارة العلاقات العامة والعلاقات الحكومية، ونجح في إدخال المصنع إلى دائرة التعامل الرسمي مع جهات كبرى مثل رئاسة الجمهورية، وزارة الداخلية، وزارة العدل، وجهاز الرقابة الإدارية. وكان له دور كبير في تنفيذ عشرات من الدروع والهدايا الرسمية التي قدمت في مناسبات وطنية، ومنها احتفالية عيد العمال برعاية رئيس الجمهورية.
لكنه لم يتوقف عند نجاحات المصنع، بل قرر التوسع أفقياً عبر إطلاق مجموعة من الكيانات الاقتصادية التي تمثل نقلة نوعية في فكر الاستثمار المتكامل. أسس شركة “فوكاس” لإدارة المشروعات، والتي تُشرف حاليًا على تنفيذ مشروع إداري فندقي متكامل في حي دجلة بالمعادي، يجمع بين البنية التحتية الذكية والتصميم المعماري المتطور، بما يخدم الشركات ورواد الأعمال الباحثين عن بيئة عمل متكاملة الخدمات.
في السياق ذاته، أطلق محمد شركة “ريد لاين لوجستيك” لتكون الذراع اللوجستي للمصنع، ولتخدم قطاعًا واسعًا من المؤسسات التجارية والصناعية التي تحتاج إلى خدمات نقل وتوزيع سريعة وآمنة. وتقوم الشركة حاليًا بتقديم خدماتها داخل مصر وخارجها، وتعتمد على أنظمة تتبع رقمية وتقارير لحظية لتعزيز الكفاءة.
ومع دخول العالم إلى عصر التجارة الإلكترونية، دخل محمد راغب شريكًا في منصة “جوميا”، التي أصبحت قناة تسويقية رائدة لمنتجات مصنع راغب، مما ساعد في وصول المنتجات إلى شريحة جديدة من العملاء داخل وخارج مصر، وفتح باب التصدير الإلكتروني للقطاع العام والخاص على حد سواء.
تُوج هذا النجاح باختياره وكيلًا للاتحاد الإفريقي للتوريدات العمومية في مصر، وهو منصب يعكس حجم الثقة التي نالها من قبل الجهات الإفريقية، ويعطيه مسؤولية كبيرة في نقل الصناعة المصرية إلى الأسواق الأفريقية بشكل مؤسسي ومنظم. وقد نجح في هذا الملف من خلال تنفيذ عقود توريدات لمؤسسات أفريقية حكومية وخاصة، تعتمد على منتجات مصنع راغب كرمز للجودة المصرية.
ويستعد محمد راغب حاليًا للدخول في مرحلة جديدة من التوسع من خلال مشاريع استصلاح أراضٍ وزراعة فواكه وخضروات معدّة للتصدير، في إطار توجهه لبناء نموذج اقتصادي متكامل لا يعتمد على قطاع واحد، بل على التنويع الذكي بين القطاعات.
إن قصة محمد راغب عبد الفتاح لا تُختصر في كونه شابًا ناجحًا أو رجل أعمال بارعًا، بل هي حكاية تطور صناعي واقتصادي متكامل، تدفعنا للاعتقاد أن الشباب المصري يملك الإمكانيات ليقود مستقبلًا مشرقًا لمصر داخل حدودها وخارجها.