بقلم: المستشار كريم أبو اليزيد
يستند المشرع في قانون مكافحة المخدرات إلى فلسفة خاصة، جعلت من عقوبة الاتجار بالمخدرات غير قابلة للسقوطح بالتقادم، على خلاف ما هو مستقر في قانون الإجراءات الجنائية. وقد يكون الهدف من هذا الاستثناء هو مواجهة خطورة هذا النوع من الجرائم، إلا أن هذا التوجه يصطدم بمبادئ راسخة في القانون الدستوري.
فمن غير المنطقي أن تكون عقوبة القتل العمد – وهي جريمة تمس الحق في الحياة – قابلة للسقوط بعد 20 سنة، بينما لا تسقط عقوبة الاتجار بالمخدرات مطلقًا. هنا تتضح المفارقة، وتتجلى شبهة التمييز غير المبرر.
فلسفة العقاب لا تهدف فقط إلى الردع، بل تشمل الإصلاح، والطمأنينة الاجتماعية، والتسامح القانوني، خاصة عندما يمر وقت طويل على ارتكاب الجريمة دون تنفيذ العقوبة. وعليه فإن بقاء النص الخاص بعقوبات المخدرات بعيدًا عن قاعدة التقادم يمثل خللًا في مبدأ المساواة، وربما يكون عرضة للطعن بعدم الدستورية.
لقد حان الوقت لإعادة تقييم هذا النص، وتحديد ما إذا كان فعلاً يخدم العدالة، أم أنه يعكس نزعة زجرية مبالغ فيها تتعارض مع تطور الفكر الجنائي الحديث. فالقانون يجب أن يكون منطقيًا، متوازنًا، ومنسجمًا مع باقي النصوص، لا أن يبني استثناءات تعسفية تؤسس لتمييز غير مبرر.